الرياح الشديدة والأمطار الغزيرة فاقمت معاناة مئات الآلاف من النازحين في مأرب خلال الأيام الماضية، وأصبح الكثير منهم ينامون في العراء بعد أن انهارت وتناثرت خيامهم.
في مأرب، شمال شرق اليمن، يسكن النازحون ويتعلم أطفالهم في الخيام لسنوات. وعندما تقتلع الرياح الشديدة والسيول المدمرة الخيام، فإنها تحرم النازحين من أماكن السكن والتعلم في وقت واحد، ما يجعل حياتهم أكثر بؤسًا.
العواصف الرعدية والرياح الشديدة ضربت مؤخرًا مخيم السيماء، ونجم عنها تدمير الخيام المخصصة كمدارس، ما يهدد بحرمان آلاف الأطفال من التعليم. في الواقت الراهن، تتواجد أكثر من 296 ألف أسرة نازحة بمأرب، وجزء منها يسكن في مخيمات النزوح البالغ عددها 204 مخيم.
في مطلع شهر أغسطس، تعرضت مدرسة النصر في مخيم السيما، مربع 3، التي تضم 620 طالبًا وطالبة من الصف الأول ابتدائي حتى الصف الثالث الثانوي، لرياح شديدة، وأحدثت دمارًا كبيرًا في الخيام، وتبعثرت الكراسي الدراسية والكتب المدرسية.
صالح مجيدع، نازح في مخيم السيماء، يقول لـ “المشاهد”: “كنا نأمل أن يعود أطفالنا للدراسة هذا العام، لكن عقب هذه الرياح الشديدة والسيول، يبدو أن التحاقهم بالتعليم هنا يبدو شبه مستحيل”.
يشير صالح إلى أن لديه طفلين، رنا وسالم؛ سالم في الصف الثالث، ورنا تستعد للالتحاق بالصف الأول هذا العام.
ويقول مدير عام الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في مأرب، سيف ناصر مثنى، لـ “المشاهد” إن هطول الأمطار الغزيرة والسيول المصحوبة بعواصف شديدة أدت إلى وفاة 8 أشخاص، بينهم 4 نساء وطفل واحد، وأصيب 34 آخرون.
يشير مثنى إلى أن عدد الأسر المتضررة بلغ 12362 أسرة نازحة في 111 مخيمًا في مديريات مدينة مأرب، الوادي، حريب، ورغوان. وتضررت 22 مدرسة، منها 7 دمرت بشكل كلي، إضافة إلى ثلاثة مرافق صحية، وفقًا لمثنى.
في انتظار الحلول
أحمد البناء، طالب في الصف الخامس في مخيم السيماء، يقول لـ “المشاهد”: “كنت منتظر العودة إلى المدرسة من أجل أتعلم وألعب مع أصحابي. لكن الآن، لا ندري هل سنعود بعد أن دُمرت الخيام التي كنا ندرس فيها”.
وأعلنت وزارة التربية والتعليم في عدن بدء العام الدارسي الجديد 2024 – 2025 من تاريخ 18 أغسطس لجميع المراحل الدراسية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية.
يبلغ عدد النازحين في مأرب نحو مليوني نازح، وتحتاج 8,565 أسرة مأوى طارئ و6,000 أسرة بحاجة إلى بناء وحدات سكنية، وفق تقرير الوحدة التنفيذية للنازحين. وتشير تقارير صادرة عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، إلى وجود 4.5 مليون شخص نازح في اليمن اضطروا إلى الفرار من منازلهم بسبب النزاع العسكري الذي بدأ عام 2015.
في مأرب، تعمل العديد من منظمات الإغاثة على إيجاد الحلول للتخفيف من معاناة النازحين، وتوفير مستلزمات التعليم الأساسية، لكن التحديات كبيرة، والموارد محدودة. يؤكد مثنى أن التدخلات الإغاثية تبقى غير كافية في ظل الوضع الكارثي نتيجة المنخفض الجوي الذي تشهده البلاد.
تطالب الوحدة التنفيذية شركاءها بسرعة تقديم المعونات الإغاثية من المواد الإيوائية والغذائية للأسر المتضررة من السيول والعواصف الرعدية، والمساهمة في حماية النازحين ومخيماتهم من الأمطار والسيول والفيضانات والعواصف والكوارث الطبيعية.
ويشير بيتر هوكينز ممثل (اليونيسف) في اليمن إلى وجود 4.5 مليون طفل خارج المدرسة، ويحذر من أن ذلك الأمر سيكون له عواقب وخيمة على الأجيال القادمة. يضيف: “إن تكلفة عدم وجود جيل متعلم قادم، بخاصة في مجال القراءة والكتابة والحساب، ستؤثر بشكل كبير على التنمية المستقبلية للبلاد”.
المصدر| المشاهد نت